|
القرآن الكريم والسنة على منهج أهل السنة والجماعة, لا يسمح بطرح أي موضوع غير العلماء الثقات عند النقل اذكر اسم الفقيه أو وصلة الموضوع من موقع الفقيه الإلكتروني. |
|
مشاركات | 0 | القراء | 1807 | أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
تفسير ابن كثير: سورة [النساء : 171]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قال الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء : 171] تفسير ابن كثير: ينهى تعالى أهل الكتاب عن الغلو والإطراء ، وهذا كثير في النصارى ، فإنهم تجاوزوا حد التصديق بعيسى ، حتى رفعوه فوق المنزلة التي أعطاه الله إياها ، فنقلوه من حيز النبوة إلى أن اتخذوه إلها من دون الله يعبدونه كما يعبدونه ، بل قد غلوا في أتباعه وأشياعه ، ممن زعم أنه على دينه ، فادعوا فيهم العصمة واتبعوهم في كل ما قالوه ، سواء كان حقا أو باطلا أو ضلالا أو رشادا ، أو صحيحا أو كذبا ; ولهذا قال تعالى : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) [ التوبة : 31 ] . وقال الإمام أحمد : حدثنا هشيم قال : زعم الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن ابن عباس ، عن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم ، فإنما أنا عبد الله ورسوله " . ثم رواه هو وعلي بن المديني ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري كذلك . وقال علي بن المديني : هذا حديث صحيح سنده وهكذا رواه البخاري ، عن الحميدي ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، به . ولفظه : " فإنما أنا عبد ، فقولوا : عبد الله ورسوله " . وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك : أن رجلا قال : محمد يا سيدنا وابن سيدنا ، وخيرنا وابن خيرنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أيها الناس ، عليكم بقولكم ، ولا يستهوينكم الشيطان ، أنا محمد بن عبد الله ، عبد الله ورسوله ، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل " . تفرد به من هذا الوجه . وقوله : ( ولا تقولوا على الله إلا الحق ) أي : لا تفتروا عليه وتجعلوا له صاحبة وولدا - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، وتنزه وتقدس وتوحد في سؤدده وكبريائه وعظمته - فلا إله إلا هو ، ولا رب سواه ; ولهذا قال : ( إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) أي : إنما هو عبد من عباد الله وخلق من خلقه ، قال له : كن فكان ، ورسول من رسله ، وكلمته ألقاها إلى مريم ، أي : خلقه بالكلمة التي أرسل بها جبريل ، عليه السلام ، إلى مريم ، فنفخ فيها من روحه بإذن ربه ، عز وجل ، فكان عيسى بإذن الله ، عز وجل ، وصارت تلك النفخة التي نفخها في جيب درعها ، فنزلت حتى ولجت فرجها بمنزلة لقاح الأب الأم والجميع مخلوق لله ، عز وجل ; ولهذا قيل لعيسى : إنه كلمة الله وروح منه ; لأنه لم يكن له أب تولد منه ، وإنما هو ناشئ عن الكلمة التي قال له بها : كن ، فكان . والروح التي أرسل بها جبريل ، قال الله تعالى : ( ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام ) [ المائدة : 75 ] . وقال تعالى : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) [ آل عمران : 59 ] . وقال تعالى : ( والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين ) [ الأنبياء : 91 ] وقال تعالى : ( ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها [ فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ] ) [ التحريم : 12 ] . وقال تعالى إخبارا عن المسيح : ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه [ وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ] ) [ الزخرف : 59 ] . وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : ( وكلمته ألقاها إلى مريم ) هو كقوله : ( كن ) [ آل عمران : 59 ] فكان وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي قال : سمعت شاذ بن يحيى يقول : في قول الله : ( وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) قال : ليس الكلمة صارت عيسى ، ولكن بالكلمة صار عيسى . وهذا أحسن مما ادعاه ابن جرير في قوله : ( ألقاها إلى مريم ) أي : أعلمها بها ، كما زعمه في قوله : ( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه ) [ آل عمران : 45 ] أي : يعلمك بكلمة منه ، ويجعل ذلك كما قال تعالى : ( وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك ) [ القصص : 86 ] بل الصحيح أنها الكلمة التي جاء بها جبريل إلى مريم ، فنفخ فيها بإذن الله ، فكان عيسى ، عليه السلام . وقال البخاري : حدثنا صدقة بن الفضل ، حدثنا الوليد ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني عمير بن هانئ ، حدثني جنادة بن أبي أمية ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، والجنة حق ، والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل " . قال الوليد : فحدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن عمير بن هانئ ، عن جنادة زاد : " من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء " . وكذا رواه مسلم ، عن داود بن رشيد ، عن الوليد ، عن ابن جابر ، به ومن وجه آخر ، عن الأوزاعي ، به . فقوله في الآية والحديث : ( وروح منه ) كقوله ( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ) [ الجاثية : 13 ] أي : من خلقه ومن عنده ، وليست " من " للتبعيض ، كما تقوله النصارى - عليهم لعائن الله المتتابعة - بل هي لابتداء الغاية ، كما في الآية الأخرى . وقد قال مجاهد في قوله : ( وروح منه ) أي : ورسول منه . وقال غيره . ومحبة منه . والأظهر الأول أنه مخلوق من روح مخلوقة ، وأضيفت الروح إلى الله على وجه التشريف ، كما أضيفت الناقة والبيت إلى الله ، في قوله : ( هذه ناقة الله ) [ هود : 64 ] . وفي قوله : ( وطهر بيتي للطائفين ) [ الحج : 26 ] ، وكما ورد في الحديث الصحيح : " فأدخل على ربي في داره " أضافها إليه إضافة تشريف لها ، وهذا كله من قبيل واحد ونمط واحد . وقوله : ( فآمنوا بالله ورسله ) أي : فصدقوا بأن الله واحد أحد ، لا صاحبة له ولا ولد ، واعلموا وتيقنوا بأن عيسى عبد الله ورسوله ; ولهذا قال : ( ولا تقولوا ثلاثة ) أي : لا تجعلوا عيسى وأمه مع الله شريكين ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . وهذه الآية والتي تأتي في سورة المائدة حيث يقول تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد ) [ المائدة : 73 ] . وكما قال في آخر السورة المذكورة : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني [ وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ] ) الآية [ المائدة : 116 ] ، وقال في أولها : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) الآية [ المائدة : 72 ] ، فالنصارى - عليهم لعنة الله - من جهلهم ليس لهم ضابط ، ولا لكفرهم حد ، بل أقوالهم وضلالهم منتشر ، فمنهم من يعتقده إلها ، ومنهم من يعتقده شريكا ، ومنهم من يعتقده ولدا . وهم طوائف كثيرة لهم آراء مختلفة ، وأقوال غير مؤتلفة ، ولقد أحسن بعض المتكلمين حيث قال : لو اجتمع عشرة من النصارى لافترقوا على أحد عشر قولا . ولقد ذكر بعض علمائهم المشاهير ، وهو سعيد بن بطريق - بترك الإسكندرية - في حدود سنة أربعمائة من الهجرة النبوية ، أنهم اجتمعوا المجمع الكبير الذي عقدوا فيه الأمانة الكبيرة التي لهم ، وإنما هي الخيانة الحقيرة الصغيرة ، وذلك في أيام قسطنطين باني المدينة المشهورة ، وأنهم اختلفوا عليه اختلافا لا ينضبط ولا ينحصر ، فكانوا أزيد من ألفين أسقفا ، فكانوا أحزابا كثيرة ، كل خمسين منهم على مقالة ، وعشرون على مقالة ، ومائة على مقالة ، وسبعون على مقالة ، وأزيد من ذلك وأنقص . فلما رأى عصابة منهم قد زادوا على الثلاثمائة بثمانية عشر نفرا ، وقد توافقوا على مقالة ، فأخذها الملك ونصرها وأيدها - وكان فيلسوفا ذا هيئة - ومحق ما عداها من الأقوال ، وانتظم دست أولئك الثلاثمائة والثمانية عشر ، وبنيت لهم الكنائس ، ووضعوا لهم كتبا وقوانين ، وأحدثوا الأمانة التي يلقنونها الولدان من الصغار - ليعتقدوها - ويعمدونهم عليها ، وأتباع هؤلاء هم الملكية . ثم إنهم اجتمعوا مجمعا ثانيا فحدث فيهم اليعقوبية ، ثم مجمعا ثالثا فحدث فيهم النسطورية . وكل هذه الفرق تثبت الأقانيم الثلاثة في المسيح ، ويختلفون في كيفية ذلك وفي اللاهوت والناسوت على زعمهم ! هل اتحدا ، أو ما اتحدا ، بل امتزجا أو حل فيه ؟ على ثلاث مقالات ، وكل منهم يكفر الفرقة الأخرى ، ونحن نكفر الثلاثة ; ولهذا قال تعالى : ( انتهوا خيرا لكم ) أي : يكن خيرا لكم ( إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد ) أي : تعالى وتقدس عن ذلك علوا كبيرا ( له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا ) أي : الجميع ملكه وخلقه ، وجميع ما فيها عبيده ، وهم تحت تدبيره وتصريفه ، وهو وكيل على كل شيء ، فكيف يكون له منهم صاحبة أو ولد ؟ كما قال في الآية الأخرى : ( بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ) [ الأنعام : 101 ] ، وقال تعالى : ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا . لقد جئتم شيئا إدا . [ تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا . أن دعوا للرحمن ولدا . وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا . إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا . لقد أحصاهم وعدهم عدا . وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ] ) [ مريم : 88 : 95 ] .
_______________
قال الله تعالى: {لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا ۖ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم : 62]
التفسير الميسر: ( 62 ) لا يسمع أهل الجنة فيها كلامًا باطلا لكن يسمعون سلاما تحية لهم، ولهم رزقهم فيها من الطعام والشراب دائمًا، كلما شاؤوا بكرة وعشيًا. قال الله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)} [الواقعة : 25-26] التفسير الميسر: ( 25-26 ) لا يسمعون في الجنة باطلا ولا ما يتأثمون بسماعه، إلا قولا سالمًا من هذه العيوب، وتسليم بعضهم على بعض. قال الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف : 56]. قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة : 207] التفسير الميسر: ( 207 ) وبعض الناس يبيع نفسه طلبًا لرضا الله عنه، بالجهاد في سبيله، والتزام طاعته. والله رءوف بالعباد، يرحم عباده المؤمنين رحمة واسعة في عاجلهم وآجلهم، فيجازبهم أحسن الجزاء. قال الله تعالى: {مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)} [الناس : 4-6] التفسير الميسر: ( 4 ) من أذى الشيطان الذي يوسوس عند الغفلة، ويختفي عند ذكر الله. ( 5 ) الذي يبثُّ الشر والشكوك في صدور الناس. ( 6 ) من شياطين الجن والإنس. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم. الراوي: أبو هريرة | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2749 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء". الراوي: عبدالله بن مسعود | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الترمذي. الصفحة أو الرقم: 1977 | خلاصة حكم المحدثين: صحيح التخريج: أخرجه الترمذي (1977) واللفظ له، وأحمد (3839). تنبيه: لا ترَ الناس بعين طبعك! وسمي العقل عقلا لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك، أي يحبسه. وقيل: العقل: هو التمييز الذي به يتميز الإنسان عن سائر الحيوان. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الملتقى | مشاركات | آخر مشاركة |
تفسير ابن كثير: سورة [النساء : 155] | يوسف الخالدي | القرآن الكريم والسنة | 0 | 2021/05/29 14:07 |
تفسير ابن كثير: سورة [النساء : 103] | يوسف الخالدي | القرآن الكريم والسنة | 0 | 2021/05/28 22:04 |
تفسير الطبري: سورة [النساء : 171] | يوسف الخالدي | القرآن الكريم والسنة | 0 | 2021/05/28 17:25 |
تفسير البغوي: سورة [النساء : 171] | يوسف الخالدي | القرآن الكريم والسنة | 0 | 2021/05/28 16:26 |
تفسير ابن كثير: سورة [النساء : 156] | يوسف الخالدي | القرآن الكريم والسنة | 0 | 2021/05/28 16:03 |